وكذلك ما ورد في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُسئل صلى الله عليه وسلم في الأمر فلا يتكلم حتى ينزل عليه الوحي، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى: وَفَاكِهَةً وَأَبّاً [عبس:31] ما هو الأب؟

فقال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني، إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم!

وهم أعلم الناس بالقرآن وأفصح العرب وأعلمهم بلغة العرب.

فهؤلاء الذين يعلمون حق العلم ما قاله الله ورسوله، ويفسرونه قد اتفقوا على إثبات رؤيته سبحانه وتعالى وعلى إثبات صفات الله، كما مر عن ابن عباس، وعلي ابن أبي طالب، وأنس بن مالك، وأبي بكر، وحذيفة، وأبي موسى رضي الله عنهم وكلهم - ولله الحمد - فسروا الآيات لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [قّ:35] ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22،23] ولِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26] .

فسروا النظر وفسروا الزيادة بالرؤية الحقيقية، وكذلك في كل باب من أبواب العقيدة نجد إجماع السلف الصالح، فلا يجوز لنا أن نتقدم عليهم.

وليس المقصود من كلام النبي صلى الله عليه وسلم تشبيه المرئي بالمرئي، وإنما هو تشبيه الرؤية بالرؤية، يعني: رؤيتكم لربكم كرؤيتكم للقمر، ولم يقل: إن ربكم كالقمر أو كالشمس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] وهي حقيقية مؤكدة قطعية ليس فيها شك ولا غيم ولا قتر ولا حجاب.

وفيه دليل على علو الله على خلقه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى القمر والشمس، ومعلوم أنها في جهة العلو.

والأشعرية يثبتون الرؤية وينكرون العلو، فيقولون: لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا يمينه ولا شماله ولا خلفه ولا أمامه، وينكرون جميع الجهات -كما يسمونها- ويقولون: إنه يُرى لا في جهة!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015