وخلاصة ما سبق أن الذي ينبغي لنا أن نعلمه، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل الأنبياء، وأن التفضيل بين الأَنْبِيَاء حق، كما هو صريح القرآن، وأننا نخرج هذه الزيادة عَلَى أحد هذه المخارج:

إما لأنها لهوى وحمية وعصبية.

وإما لأن فيها تفضيل معين عَلَى معين.

وإما عَلَى كلام المُصْنِّف أن الرواية متكلم فيها.

والذي يبدو والله أعلم أن الرواية لا قدح فيها، وأن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تفضلوا بين الأنبياء) ليس تخصيص، ولا معارض لما جَاءَ في القُرْآن من تفضيل بعض الأَنْبِيَاء عَلَى بعض، وإنما هو من باب التعليم والتأدب مع الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، فإذا جاءنا التفضيل عن الله تَعَالَى أو عن رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه حق وبه نقول، ولا نَنَصِبَ أنفسنا مفضلين فنقول: فلان أفضل من فلان بدون علم من كتاب الله، ولا من سنة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه ليس من التأدب مع الأنبياء، فمن باب الأدب، أننا لا نفضل نبياً عَلَى نبي، لكن إذا وجدنا علماً كما جَاءَ أن نوحاً وموسى وعيسى من أولى العزم، وأولوا العزم أفضل من غيرهم، فهذا لا بأس به وهذا حق، أو أن نقول: إن موسى عَلَيْهِ السَّلام هو أفضل أنبياء بنى إسرائيل، هذا أيضا حق، وهكذا....

وقد يقول البعض لم لا يكون ذلك في أول الإسلام؟ وقد خطر لي هذا القول وهو: لم لاتكون الخصومة وقعت بين اليهودي والمسلم في أول الإسلام؟ بدليل أن هذا اليهودي كَانَ يعيش في المدينة، ومعلوم أن اليهودأجلوا من المدينة على فترات، كما حصل لبنى قينقاع، وبني قريظة، وبني النضير، وأن الآية نزلت متأخرة؛ لكننا لا نستطيع أن نقول بهذا القول إلا إذا تأكدنا تماماً من تاريخ نزول الآية، والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أعلم.

والآن ننتقل إِلَى موضوع المفاضلة بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويونس بن متى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015