(وسألهم: هل اتبعه ضعفاء القوم أم أشرافهم؟) يعني في أول الأمر.

(قالوا: بل اتبعه الضعفاء، قَالَ: وكذلك الأنبياء) لأنه يقرأ في قصص الأنبياء. كما تعلمون الملأ الذين استكبروا والملأ الذين استضعفوا، فريقان عادة أول ما يأتي أي نبي فإن الملأ الذين استكبروا يخافون عَلَى السلطان والمال والجاه والمكانة فلا يؤمنون، والملأ الذين استضعفوا لا يوجد معهم شيء من الدنيا، ويرون الحق واضحاً فيقدمون ويقبلون عَلَى الحق، لكن بعد ذلك يدخل الأشراف وغيرهم.

والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد دخل معه من أشراف القوم في أول الأمر أيضاً، لكن كَانَ في المقابل الزعماء والكبراء ضده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن من المؤمنين من هو شريف ومنهم من هو من الموالي والعبيد، فهذه هي أيضاً علامة دالة عَلَى صدق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

واستدل بها هرقل.

(ثُمَّ سألهم هل يزيد أتباعه أم ينقصون؟) لأن الإِنسَان يمكن أن يدعو بأي دعوى فيتبعه كثير؛ لكن بعد ذلك يتناقصون؛ لأنهم يظنون فيه ظنوناً مثالية، فلما خبروه، تبين لبعضهم أنه كذاب أو أنه يريد مصلحةً لنفسه دائماً تتعارض الأقوال والرغبات فيتراجعون عنه وهكذا في كل دعوة يتراجع كثير من أصحابها.

) (فسألهم: هل يرتد أحد منهم سخطةً في هذا الدين؟ قالوا: لا) .

قال هرقل -انظروا كلامه وكأنه في أعلى درجات الإيمان واليقين-: (وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب) سُبْحانَ اللَّه! كأنه إنسان من الأولياء المقربين؛ لأنه يعرف هذا من الأَنْبِيَاء من قبل، وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب، لا يسخطه أحد ولا يرتد عنه أحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015