هذه الأسئلة أو المناظرة بين زعيمين كافرين في شأن نبوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رتب هرقل الأمر وجعل أبا سفيان أمامه والقوم خلفه، وبإمكانهم أن يكذبوه، ولو بالإشارة ليتأكد من صدق أبي سفيان، وابتدأ الأسئلة أسئلة الإِنسَان البصير العالم الناقل الذي ينتقل خطوة خطوة حتى يصل إِلَى النتيجة الحاسمة المؤكدة.

فبدأ يقول: (هل كَانَ من آباءه من ملك؟)

لأنه عادة قد يقَالَ: إن هذا يريد الملك، ولهذا قالت قريش: وإن كَانَ إنما يريد ملكاً ملكناه، فالذي يريد أن يكون له أتباع قد يدعي النبوة، كما فعل مسيلمة وغيره.

فقَالَ: (هل كَانَ من آباءه من ملك) فيريد أن يمشي عَلَى سنة آبائه ويكون له شأن؟

(قالوا: لا) .

(قَالَ: فهل قال هذا القول فيكم أحدٌ قبله؟)

أي: هل كَانَ هناك أحد ادعى النبوة وفشل، وقال هذا: أنا سأرتبها وأدعي دعوة تنجح.

(قالوا: لا)

(فقَالَ: لو قال هذا القول أحد قبله لقلت رجل أتى بقولٍ قيل قبله) سمع ناساً قالوا شيئاً فظهر أمرهم فقَالَ: أنا أيضا سأدعو وأظهر حتى يكون لي مثل ما لهم لكن لم يعهد هذا في أمة العرب قال تعالى: مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِك [القصص:46] .

(قَالَ: وسألتكم أهو ذو نسب فيكم؟)

(فَقَالُوا: نعم) وكما قلنا أبو سفيان عندما يزكي نسبه، فهو يزكي نسبه هو؛ لأن القرابة بينهما وهذا هو الحق، فأخبره هرقل أن الأَنْبِيَاء تبعث من أشراف القوم ولا تبعث من أراذلهم، قالهرقل: هذا أيضا دليل عَلَى أن هذا النبي صادق.

(وسألهم: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟)

(قالوا: ما جربنا عليه كذباً قط) .

(فقَالَ: قلت قد علمت أنه لم يكن ليدع الكذب عَلَى النَّاس، ثُمَّ يذهب ويكذب عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ) هذا الذي ما كذب عَلَى النَّاس في شيء، لن يكذب عَلَى الله ويفتري عليه ويدعي عَلَى الله ما لم يقل، إذاً فهذا نبي صادق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015