وهو لما كَانَ عنده من علمه بعادة الرسل وسنة الله فيهم أنه تارة ينصرهم وتارة يبتليهم وأنهم لا يغدرون -علم أن هذه علامات الرسل، وأن سنة الله في الأَنْبِيَاء والمؤمنين أن يبتليهم بالسراء والضراء، لينالوا درجة الشكر والصبر كما في الصحيح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)

والله تَعَالَى قد بين في القُرْآن ما في إدالة العدو عليهم يوم أحد من الحكمة فقال: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:139] .

وقال تعالى: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:2،1] الآيات إِلَى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة عَلَى سنته في خلقه وحكمته التي بهرت العقول.

قَالَ: وسألتكم: عما يأمر به؟

فذكرتم أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والصلة، وينهاكم عما كَانَ يعبد آباؤكم، وهذه صفة نبي.

وقد كنت أعلم أن نبياً يبعث، ولم أكن أظنه منكم، ولوددت أني أخلُصُ إليه، ولولا ما أنا فيه من الملك لذهبت إليه، وإن يكن ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين.

وكان المخاطب بذلك أبو سفيان بن حرب وهو حينئذٍ كافر من أشد النَّاس بغضاً وعداوة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال أبو سفيان بن حرب: فقلت لأصحابي ونحن خروج: لقد أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كبشة، إنه ليُعَظِّمه ملك بني الأصفر، وما زلت موقناً بأن أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام وأنا كاره] اهـ.

الشرح:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015