وسألهم: هل يغدر؟
فذكروا أنه لا يغدِر.
وسألهم: بماذا يأمركم؟
فقالوا: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وينهانا عما كَانَ يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
وهذه أكثر من عشر مسائل، ثُمَّ بين لهم ما في هذه المسائل من الأدلة.
فقَالَ: سألتكم هل كَانَ في آبائه من ملك؟
فقلتم: لا.
قلت: لو كَانَ في آبائه من ملك؛ لقلت: رجل يطلب ملك أبيه.
وسألتكم: هل قال هذا القول فيكم أحد قبله؟
فقلتم: لا.
فقلت: لو قال هذا القول أحد قبله؛ لقلت: رجل ائتم بقول قيل قبله.
وسألتكم: هل كنتم تتهمونه بالكذب، قبل أن يقول ما قال؟
فقلتم: لا.
فقلت: قد علمت أنه لم يكن ليدع الكذب عَلَى الناس، ثُمَّ يذهب فيكذب عَلَى الله.
وسألتكم: أضعفاء النَّاس يتبعونه أم أشرافهم؟
فقلتم: ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل، (يعني في أول أمرهم)
ثُمَّ قَالَ: وسألتكم: هل يزيدون أم ينقصون؟
فقلتم: بل يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم.
وسألتكم هل يرتد أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟
فقلتم: لا، وكذلك الإيمان، إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد.
وهذا من أعظم علامات الصدق والحق، فإن الكذب والباطل لابد أن ينكشف في آخر الأمر، فيرجع عنه أصحابه ويمتنع عنه من لم يدخل فيه، والكذب لا يروج إلا قليلاً ثُمَّ ينكشف.
وسألتكم: كيف الحرب بينكم وبينه؟ فقلتم: إنها دول، وكذلك الرسل تبتلى وتكون العاقبة لها.
قَالَ: وسألتكم هل يغدر؟
فقلتم: لا، وكذلك الرسل لا تغدر.