والذي حصل أن هرقل قام يوماً من الأيام مهموماً مغموماً من رؤيا رآها، وكان له نظر في النجوم فقَالَ: هذا أوان ظهور ملك الختان أو أمة الختان، وجمع البطارقة، والأساقفة والقساوسة وقَالَ: هذا أوان ظهور ملك الختان أو أمة الختان، فَقَالَ له أصحابه: لا يهمك هذا الأمر يا ملك! قَالَ: لا.

هذا يقين هذا حق، فابحثوا لي عن أي أمة تختن.

قالوا: لا نعلم أمة تختتن إلا اليهود، وهم عبيدك وفي مملكتك، فلا يضرنك الأمر ولا تهولنك هذه الرؤيا.

قَالَ: لا، ألا من أمة غيرهم.

فكتب إِلَى ولاته قالوا نعم توجد أمة، وهي العرب أيضاً تختتن

فقال لهم: من عثرتم عليه من هَؤُلاءِ القوم فابعثوا به إلي.

وكان أبو سفيان زعيم قريش قد استغل الصلح الذي حصل في الحديبية وتاجر، كما فرحت قريش بالصلح والهدنة، لتتاجر، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه فرحوا به ليتاجروا مع الله وليدعو النَّاس إِلَى دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- فكانت الكتب إِلَى ملوك الأرض بعده.

فوجدوا أبا سفيان في غزة وما شعر إلا وهم يقبضون عليه من؟ وإلى أين؟ قالوا: إِلَى هرقل وحملوه إِلَى هرقل، ودخل عَلَى هرقل، فأجلسه هرقل وكان معه قرابة عشرين أو ثلاثين رجلاً من قريش.

وقال له: إني سائلك عن أمر هذا الرجل وأنتم إن كذب فكذبوه -يعني- من معه وأبو سفيان -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- ذاك الوقت كَانَ كافراً، وكان يعلم أنه لو كذب لن يكذبه القوم لكن قَالَ: "والله ما منعني أن أكذب إلا الحياء" -الحياء لأن العرب لديهم الفطرة، ولما سأله قال من أقربكم إِلَى هذا الرجل؟ قال أبو سفيان: أنا، فهو زعيم القوم أولاً، وزعيم القوم لا يكذب، وإذا كذب الزعماء فكيف حال الأتباع، وخاصة أن العرب كانت تعد الكذب من الفجور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015