فهَؤُلاءِ جمعوا بين بشارات التوراة التي كَانَ يعلمها اليهودفي المدينة وأمثالهم، وبين بشارات الإنجيل، التي هي موجودة في الإنجيل أيضاً، فكانت لديهم هذه البشارات.
وكانوا والفرس في حرب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، كانوا يتمنون أن يظهر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أهل الكتاب -الروم- عَلَى الفرس الْمُشْرِكِينَ، وكان المُشْرِكُونَ يتمنون أن يظهر الله الفرس؛ لأنهم مُشْرِكُونَ مثلهم عَلَى الروم، ولهذا قال الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: آلم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ [الروم:1-4] .
وحصل أنه بعد صلح الحديبية أو قريباً منه، قدر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وحصل ما أخبر به تعالى، وغلبت الرومُ الفرسَ وانتصروا عليهم انتصاراً عظيماً.
وهرقل كانت نفسيته متقبلة للحق، وقد كَانَ أقسم عَلَى نفسه بالله إن نصرني الله عَلَى الفرس أنني أمشي من حمص إِلَى إيليا أي القدس، ماشياً يحج إِلَى القدس ماشياً شكراً لله عَلَى أنه نصره عَلَى الفرس، فلما حصل الانتصار أراد أن يفي بذلك، كانت تفرش له البسط وتوضع عليه الرياحين ويمشي عليها ووزراؤه راكبون، وهو يمشي حتى يبر بهذا اليمين فنزل واستقر في حمص.
وكانت نفسيته مهيئة للحق ولشكر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
وإذا به في تلك الأيام يأتيه دحية الكلبي بكتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاء به إليه، فلما رأى الكتاب وقرأه كتب إِلَى الأسقف البابا الكبير الذي في روما، كما في لفظ صحيح البُخَارِيّ فجاء الأسقف هذا، وكتب له هرقل بما جرى، وأنه كما يعتقد ويظن هرقل أن هذا هو نبي آخر الزمان الذي بشر به المسيح، وينتظر الجواب منالأسقف.