فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أو مخرجي هم} فتعجب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لماذا يخرجونني، مع أن الناموس الذي كان ينزل عَلَى موسى نوراً وهداية جَاءَ به جبريل من عند الله، فهذا خير عظيم، أيخرجونني لأنني أنزل الله علي هذا الخير أو جئتهم به؟! فتعجب لأن الله لم يكن أخبره عن حال الأمم السابقة، وعن حال الرسل مع أممهم وأقوامهم، فالذي ينظر أول وهلة يتعجب، كيف يأتيكم ليدلكم عَلَى طريق الجنة ويباعدكم من طريق النَّار فتؤذونه، هذا شيء عجيب كيف يقع؟ قال ورقة: {ما جَاءَ أحد بمثل ما جئت به إلا عودي} لأنه كان عنده علم من الكتاب، أي حتى ولو كنت تدل النَّاس إِلَى طريق الجنة.

وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قَالَ: {فأنا آخذ بحجزكم عن النَّار وأنتم تتهافتون فيها} ومع ذلك آذوه وضربوه ورموه وفعلوا به ما فعلوا، وهو آخذ بحجز هذه الأمة عن النَّار وهم يتهافتون فيها، فمن جَاءَ بهذا الدين لا بد أن يؤذى، ومن آثار هذه الحكمة أن يتعبد الله بالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر، ويتعبد بالصبر عَلَى ما ينال الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وإلا لو تأمل العاقل لوجد أنه لا مصلحة في الدنيا لهذا الآمر في أن يأمرني، ولهذا فإن بعض النَّاس الذين لديهم شيء من البصيرة إذا قيل له: اتق الله. يتفكر ويقول: جزاك الله خيراً، يفكر في نفسه هل يريد هذا الإِنسَان أي مصلحة؟ لماذا أمرني ولماذا قَالَ: هذا حلال وهذا حرام؟ لا مصلحة له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015