ويضرب رَحِمَهُ اللَّهُ لذلك مثلاً بالشمس والمطر والرياح، يقول: التي فيها من المصالح ما هو أضعاف أضعاف ما يحصل بها من الشر، ألا ترون الشمس ألا تؤذي، فمن النَّاس من تؤذيه الشمس بلا شك، ولو أن إنساناً جلس في الشمس يوماً أو أكثر لمرض وتأذى، وقد تؤثر عَلَى بعض المحاصيل أو بعض المنتوجات، وقد تمرض وقد تضر بأنواع من الضرر، لكن إذا قدرنا هذا الضرر الحاصل من الشمس بالخير الذي يحصل منها، وكذلك لو نظرنا إِلَى آثار الشمس عَلَى الحياة وعلى النبات والحيوان والإِنسَان لوجدنا أن النَّاس يتحدثون عنها، وقد وجد العلم البشري من الآثار العظيمة والفوائد للشمس ما لم يكن يعلمه، ولم يكن يتوقعه من قبل، إذاً: فيها أضرار، لكن هذه الأضرار بالنسبة إِلَى المنافع العظيمة لا تعد شيئاً، فوجود شيء أو جانب مكروه في أمر فيه حكمة وفيه مصلحة وفيه خير، لا يلزم أن نلغي هذا الخير كله لمجرد وجود هذا الشيء المكروه، فهذا هو المقصود بالمثال.
وكذلك المطر: قد يهدم بيوتاً، ويغرق بعض الناس، لكن كيف يكون حال النَّاس لو لم ينزل هذا المطر؟ يحل بهم الجدب والقحط وأمور كلها مكروهة للناس نتيجة لانقطاع المطر ولعدم نزوله، وكذلك الرياح فكثير من النَّاس يتضايقون من الغبار ومن الرياح، لكن هل يعني ذلك أن الرياح لا تفيد، أو أن هذا الشيء المكروه كله شر؟! ففوائد الرياح عظيمة، مرسلة من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إن أرسلت بالخير جَاءَ الخير، وإن أرسلت بالشر جَاءَ الشر، وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ [الحجر:22] .