فجعلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لواقح، وهذا من الخير الذي تأتي به الرياح، لكن إذا أراد الله أن يهلك أمةً من الأمم بالرياح أهلكهم بها كما أهلك قوم عاد، أرسل عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات، فهلاك طائفة من النَّاس بالريح أو تضرر من محصولاتهم، أو أمور حياتهم ومعايشهم، لا يعني ذلك أنها شر محض، أو أنها لا تطلب، بل هذا الشر ضئيل محدود بالنسبة إِلَى ما فيها من الخير وإلى ما فيها من النفع العام , إذاً المراد بهذه الأمثلة أن يتضح لدينا أنه قد يجتمع في الأمر الواحد أن يكون مراداً من جهة، ومع ذلك مكروهاً مبغضاً من جهة أخرى، هذا بالنسبة للمخلوقين وكذلك بالنسبة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

حصول العبودية المحضة

ثُمَّ يقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [ومنها -أي من الحكم أيضاً- حصول العبودية المتنوعة، التي لولا خلق إبليس لما حصلت] لولا هذا العدو الشر المحض الذي لا يأتي بخير وهو إبليس، لولاه لما وجد خير عند كثير من الناس، ولما وجدت هذه العبوديات بالنسبة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، التي تحصل من وجود هذا العدو الخبيث.

عبودية الجهاد

يقول المصنف: [فإن عبودية الجهاد من أحب أنواع العبودية إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى] يحب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الجهاد، ويحب المجاهدين في سبيله، ووعد المجاهدين في سبيله بأن لهم الجنة كما قال تعالى:

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ [التوبة:111] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015