الأمر الأول: أن يسجد مع الملائكة، وذلك عند ما قال الله للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ [البقرة:34] وهذا الأمر يشمل إبليس أيضاً، فقوله: اسْجُدُ يقابله عندنا فعل آخر، وهو: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم [الإسراء:64] الآية فهنا "اسجد" وهنا "استفزز"، فالأمر بالسجود أمر شرعي، لكن لما قال له: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ [الإسراء:64] فهذه الأوامر كونية، فالله تَعَالَى كوناً وقدراً، قضى بذلك وقدَّره.

[وليس أمراً بفعل ذلك] أي: أذن لك بذلك كوناً وقدراً، لكن النهاية أنت ومن اتبعك مصيركم إِلَى النار، وأما الأمر بالسجود الذي أمر الله تَعَالَى به المؤمنين وهو الأمر الشرعي، فيجب أن يطاع، لا أنه مجرد مشيئة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ولكن إذلال الشيطان لبني آدم، هذا بمشيئة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ثُمَّ يقول: [فخلو الوجود عن بعضها بالكلية، تعطيل لحكمته وكمال تصرفه وتدبير ملكه] فلو خلى الوجود عن بعض هذه بالكلية، كما لو خلا من الليل فكان كله نهاراً، أو خلا من الأدواء وكان الوجود كله شفاءً وعافيةً، أو خلا من الموت فكان الوجود كله حياةً، أو خلا من القبح فكان الوجود كله حُسْناً، أو خلا من الشر فكان كله خيراً لكان في ذلك تعطيل لحكمته ولكمال تصرفه وتدبير ملكه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لكن وجود هذه المتناقضات والمتضادات فيها تحقيق لحكمته ولكمال تصرفه، فلنتدبر ذلك ونتأمله.

ظهورأسمائه القهرية

قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[ومنها ظهور آثار أسمائه القهرية، مثل: القهار، والمنتقم، والعدل، والضار، والشديد العقاب، والسريع الحساب، وذي البطش الشديد، والخافض، والمذل، فإن هذه الأسماء والأفعال كمال، لا بد من وجود متعلَّقها، ولو كَانَ الجن والإنس عَلَى طبيعة الملائكة لم يظهر أثر هذه الأسماء] اهـ.

الشرح:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015