فقد أمرنا النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ننظر في أمور الدنيا إِلَى من هو دوننا وأقل منا، قوله: [والخير والشر] فلا تصلح حياة النَّاس لو كانت كلها خيراً، فكيف نعرف الأخيار من الفجار؟ فلو كَانَ كل ما وجد في الدنيا خير ما ظهرت ميزة شيء عَلَى شيء، فهذه بهيمة الأنعام جعل الله الخير في ألبانها، وفي لحومها، وفي أصوافها، وفي أوبارها، فيستفاد من جميع أجزائها، حتى عظامها يُعمل منها صناعات معينة، فهذه كلها خير، وفي المقابل: الكلاب والخنازير والحيوانات السامة، هي شر، فجعل هذا وهذا لنعرف نعمة الله علينا بتلك فنشكره، ونعرف نعمة الله أن عافانا من هذه، وكيف لو خلق هذه مثل تلك -عياذاً بالله-.

فإذاً بهذا نعرف أن لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حكمة.

خلق المتضادات تحقيق لحكمة الله وكمال تصرفاته

في خلق الله لهذه المتضادات المتقابلات، تبيين قدرة الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى أن يخلق ما يشاء، وله في ذلك الحكمة، يقول: [وذلك] يعني وجود هذه المتناقضات والمتضادات [أدل دليل عَلَى كمال قدرته وعزته وملكه وسلطانه"، فإنه خلق هذه المتضادات وقابل بعضها ببعض، وجعلها محالَّ تصرفه وتدبيره] ، فيصرفها ويدبرها سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فيسلط إبليس عَلَى الكافرين، فيؤزهم أزاً، ويدفعهم إِلَى الشر، ويسلطه عَلَى المؤمنين فيرفضونه، ويعصونه، فترتفع درجاتهم عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ويسلط العقرب أو الحية، فتلدغ الفاجر فيكون ذلك عقوبةً ونكالاً وكفاً لشره عن الناس، ويسلطه عَلَى المؤمن، فيكون في ذلك رفعاً لدرجته وخيراً وطهوراً له من ذنوبه، وهكذا، فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعلها محالَّ تدبيره، يدبر الخير أو الشر كما يشاء عن طريق هذه المحالَّ، وعندنا أمران أمر بهما الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى إبليس":

طور بواسطة نورين ميديا © 2015