ولهذا أعلنها الصديق رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فقَالَ: (من كَانَ يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كَانَ يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت) وارتد من ارتد من العرب، وتبقى الصفوة المختارة المؤمنة لترد النَّاس إِلَى الدين، وهذه حكمة عظيمة جداً، عرفنا بها أنّ ديننا من مسؤليتنا وأن نشره يكون عَلَى أيدينا، فالله تَعَالَى لو شاء لجعل النَّاس أمة واحدة، لكن حكمة الله اقتضت أن نبذل الجهد، فكم خرج من الْمُسْلِمِينَ، وكم قتل منهم في معارك الفرس والروم، وكم فُتح من البلاد، وأسلم بسبب ذلك أناس كثيرون.

فكان في ذلك كثير من الحكم والمصالح، ومع ذلك فإن موته صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصيبة، فأعظم مصيبة حصلت في هذه الأمة فقده صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تعدلها أي مصيبة عَلَى الإطلاق، ومع ذلك فيها حكمة بل حِكم مما نعلم وما لا نعلم وهكذا.

قَالَ: [والحسن والقبيح] ففي الحسن حكمة وفي القبيح حكمة، فلو كانت المخلوقات كلها حسنة ما عرف أنها حسنة، فُحَسنُ الحسَنِ لا يعرف جلياً إلا بقبح القبيح، ولهذا فإن بعض النَّاس قد يستقبح شيئاً، فإذا رأى القبيح رجع لذلك، وجعل له قيمة عظيمة، ولهذا فشكر النعم يأتي من نظرنا إِلَى من هو دوننا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015