لكن لما قَالَ: ورحمتك قابلها بالعدل والحكمة، لأن الرحمة يقابلها العدل والحكمة، وهذه من الدقة في كلامه رَحِمَهُ اللَّهُ، فالعذاب لا يقع برحمة الله، ولكنه يقع بعدل الله وبحكمته وبقوته وبحوله وبقدرته، ولهذا قَالَ: (عياذي بحولك وقوتك ورحمتك مما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك) .
ولهذا من الأخطاء في الدعاء أن نقول: (اللهم أهلك الكفار والمنافقين والشيوعيين، برحمتك يا أرحم الراحمين) فلا يناسب أن نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بصفة الرحمة أن يهلك الكفار، لكن نقول: (اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا، واشف مرضانا برحمتك يا أرحم الراحمين)
ثُمَّ يقول: (فلا أستعيذ بغيرك من غيرك) المستعاذ منه واقع بمشيئتك، والمستعاذ به هو صفاتك، إذاً لا أستعيذ بغيرك من غيرك (ولا أستعيذ بك من شيء صادر عن غير مشيئتك) لما أستعيذ بك يا ربي من الشر، فأنا لا أستعيذ بك من شيء صادر من غير مشيئتك وإرادتك، بل هو مما شئته وقضيته وقدرته، فالمرجع كله إليك وإليك المنتهى.
الراسخون في العلم: أعرف الناس بالله
كما قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [فلا يعلم ما في هذه الكلمات من التوحيد والمعارف والعبودية إلا الراسخون في العلم بالله ومعرفته ومعرفة عبوديته] وصدق رَحِمَهُ اللَّهُ، فإن هذا يتضمن أن العبد لا حول له ولا قوة له، إن وقع به خير أو وقع به شر فهو مسلِّم في ذلك كله لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.