مثال ذلك: السحاب يتبخر من البحر، ثُمَّ يرتفع في طبقات الجو العليا، ثُمَّ يبرد ثُمَّ يهطل عَلَى منطقة كذا من المناطق، فيمكن معرفة كيف وقع وذلك، بأن تتابع هذه العملية متابعة محسوسة حتى تنتهي، لكن لماذا وقع؟

ولماذا في هذا اليوم بالذات؟

ولماذا من هذا البحر بالذات؟

ولماذا خرجت هذه السحابة في هذا الوقت وبهذه السرعة؟

ولماذا سارت ألف ميل أو عشرة؟

ولماذا أمطرت في هذا البلد بالذات؟

ولماذا أمطرت في جزء منه دون جزء؟

هذا الكلام لا يستطيع العلم البشري الإجابة عليه، إذاً نعرف بذلك (أن إِلَى ربك المنتهى) ، وأن نهاية الأمور كلها هي لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنه خالق الأسباب والمسببات، فإذاً: كل شيء راجع إليه وحده لا إِلَى غيره أبداً.

استعاذة العبد داخلة تحت المشيئة

إذا استعاذ المستعيذ المؤمن المنيب وقَالَ: (وأعوذ بك منك) فهو كما قال رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (فما أعوذ منه واقع بمشيئتك وإرادتك، وما أعوذ به من رضاك ومعافاتك هو بمشيئتك وإرادتك) ولكن ما علاقة هذا بالمشيئة؟ أن ما أعوذ منه وأخاف منه وأخشاه فهو واقعٌ بمشيئة الله، وكذلك ما أعوذ به وهو رضا الله ومعافاته تَبَارَكَ وَتَعَالَى فهو أيضاً راجعٌ إِلَى مشيئته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ولهذا قَالَ: "بك منك" فمعناه: إن شئت أن ترضى عن عبدك وتعافيه، وإن شئت أن تغضب عليه وتعاقبه، فهو كما يشاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فمنعي وإعاذتي مما أكره هو بمشيئتك، كما أن هذا الواقع لو وقع فإنه بمشيئتك، أي: أن المحبوب والمكروه كله بقضاءك ومشيئتك.

إذاً: هذا كله تسليم لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ثُمَّ يقول: (فعياذي بك منك، وعياذي بحولك وقوتك ورحمتك مما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك) أي: أعوذ بحول الله وقوته مما يكون بحول الله وبقوته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015