والله سبحانه وتعالى خلق كل نفس منفوسة وخلق كل بشر على الفطرة الصحيحة كما قال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة) وفي رواية أخرى: (يولد على الملة) ، أي: على الإسلام وعلى التوحيد الخالص وعلى الإقرار لله سبحانه وتعالى بالربوبية والألوهية فكل مولود يولد على ذلك ولو ولد في بيئة يهود أو بيئة نصارى أو مجوس أو في أي مكان؛ فإنه يولد على ذلك، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وضرب له مثلاً بالبهيمة التي تنتج بهيمة جمعاء ليس فيها خطوط ولا علامات ولا تغيير، وكما تولد البهائم سليمة من جميع جوانبها هكذا يولد الإنسان في جملته ليس فيه أي انتماء أو تميز أو علامة تصرفه عن الفطرة القويمة السليمة، ولكن الأبوين والبيئة والتربية هي التي تجعله يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا، ولم يقل أو "يسلمانه"؛ لأن البقاء على فطرة الإسلام هو الأصل، كما أن البهيمة إذا ولدت تبقى بدون علامات هذا هو الأصل فيها، ولكن لو خطها أحد بعلامات تجعلها تبع لفلان أو لفلان لكان ذلك أمراً حادثاً وطارئاً عليها.

فيقول إذا احتجوا يوم القيامة بأن آباءنا أشركوا فجرينا على عادتهم كما يجري الناس على عادات آباءهم في المطاعم والملابس والمساكن، فكذلك في ديننا كنا نعبد ما كان يعبد آباؤنا، لو أنهم قالوا ذلك يقال لهم: أنتم كنتم معترفين بالصانع، مقرين بأن الله ربكم لا شريك له، وقد شهدتم بذلك على أنفسكم، يقول: فإن شهادة المرء على نفسه هي: إقراره بالشي وسيأتي توضيح هذا.

الإقرار شهادة على النفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015