فليتأمل اللبيب هذا المحل، ولينصح نفسه، وليقم لله، ولينظر من أي الفريقين هو والله الموفق، فإن توحيد الربوبية لا يحتاج إلى دليل فإنه مركوز في الفطر وأقرب ما ينظر فيه المرء أمر نفسه لما كان نطفة، وقد خرج من بين الصلب والترائب "والترائب": عظام الصدر، ثم صارت تلك النطفة في قرار مكين، في ظلمات ثلاث، وانقطع عنها تدبير الأبوين وسائر الخلائق، ولو كانت موضوعة على لوح أو طبق، واجتمع حكماء العالم على أن يصوروا منها شيئاً لم يقدروا] اهـ.

الشرح:

كما هو معلوم أن الإقرار بالربوبية أمر فطري، وأن الشرك حادث طارئ، وهذا الكلام ينطبق على بني آدم جميعاً من جهتين:

الأولى: من جهة أصلهم ونشأتهم.

والثاني: من جهة كل فرد منهم.

فأما من جهة النوع والجنس الإنساني ككل فهو: أن الله سبحانه وتعالى فطرهم على التوحيد وظلوا كذلك فكان آدم عليه السلام نبياً رسولاً مكلماً وبقيت ذريته على التوحيد عشرة قرون كما قال تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ [البقرة:213] فالناس كانوا أمة واحدة على التوحيد على القول الصحيح في الآية، فكان بنو آدم عشرة قرون على التوحيد حتى وقع الشرك الأول في قوم نوح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015