فلو نظرنا إِلَى منطوق الحديث، ومنطوق الآية لوجدنا أن منطوقهما واحد، وأنهما متظافران يدل بعضهما عَلَى ما يدل عليه الآخر. ولكن المُصْنِّف رده بقوله: [ولكن قد روي من طريق أخرى: قد سألتك أقل من ذلك وأيسر فلم تفعل، فيرد إِلَى النَّار] والحقيقة أنه لا تعارض بين الروايتين: فهذه فسرت تلك؛ لأن الأيسر والأهون هو التوحيد، الذي هو يسير عَلَى من يسره الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عليه قَالَ: [وليس فيه: (في ظهر آدم) ، وليس في الرواية الأولى إخراجهم من ظهر آدم عَلَى الصفة التي ذكرها أصحاب القول الأول] ولكن فيه أخذ الإقرار وأنه إقرار وإشهاد حقيقي، وبعض الأحاديث تبين بعض، وكذلك الآيات والأحاديث تفسر الآيات ثُمَّ قَالَ: [بل القول الأول متضمن لأمرين عجيبين أحدهما: كون النَّاس تكلموا حينئذ وأقروا بالإيمان، وأنه بهذا تقوم الحجة عليهم يَوْمَ القِيَامَةِ، والثاني: أن الآية دلت عَلَى ذلك] .

يذكر المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: أن القول بأن الاستخراج كَانَ حقيقياً يتضمن أمرين عجيبين الأمر الأول: ما ذكره كثير ممن طعنوا في هذا القول وهو أن النَّاس تكلموا وأقروا بالإيمان وأنه بهذا تقوم الحجة عليهم يَوْمَ القِيَامَةِ، حتى قال بعضهم: إن هذا يشبه القول بمذهب التناسخ، وما هذا إلا من التعسف في الفهم والاستدلال، فما هو الغريب أن يكون النَّاس تكلموا وأقروا بالإيمان فإن هذا شيء ذكره الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفسرته الأحاديث المرفوعة والموقوفة فلا غرابة ولا عجب فيه، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خلق الأرواح واستنطقها، كما يستنطق ما شاء من خلقه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، قال: [وأنه تقوم الحجة عليهم يَوْمَ القِيَامَةِ] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015