ولا يقول أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ عموماً: إن الحجة يَوْمَ القِيَامَةِ تقوم عَلَى الإِنسَان بما أشهده الله تَعَالَى عليه في عالم الذر -أي: لما استخرجهم من ظهر أبيهم- وهل يجازي الإِنسَانُ يَوْمَ القِيَامَةِ ويحاسبه بناءً عَلَى ما أشهده الله وأقره في ذلك اليوم؟ لا، وإنما يخاطبون فيسألون ماذا أجبتم المرسلين؟ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [الأعراف:6] فالحجة التي يسأل عنها النَّاس هي إجابة المرسلين، ولا يمنع ذلك من أن يكون لهذه الحجة طريق مساندة وممهدة ومنها الفطرة وهذا الميثاق، فلو لم يكن إلا هذا الإقرار وهذا الميثاق لقال الناس: يا ربنا إن هذا الميثاق في أنفسنا لكنك لم تبعث إلينا رسولاً فيذكرنا أو يبين لنا، ولهذا قال عَزَّ وَجَلَّ: رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165] فلا حجة بعد الرسل، فالرسل جاءوا يذكرون بالميثاق وبما في الفطرة، فهي أدلة بعضها يؤيد بعضاً ولا تعارض بينها.

وأما قوله: [إن الآية دلت عَلَى ذلك] فهذا ما يقوله أصحاب القول الأول، ثُمَّ أخذ يبني بأن الآية لا تدل عليه بوجه، وهذه الوجوه التي ذكرها المُصْنِّف هنا مختصرة هي من كتاب الروح لابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ، ولهذا نذكر هذه الوجوه إن شاء الله ونشرحها إجمالاً.

الرد على المصنف فيما ذهب إليه في معنى الاستخراج

قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:

[والآية لا تدل عليه لوجوه:

أحدها: أنه قال: مِنْ بَنِي آدَمَ [الأعراف:172] ، ولم يقل: من آدم.

الثاني: أنه قَالَ: مِنْ ظُهُورِهِمْ، ولم يقل: من ظهره، وهذا بدل بعض، أو بدل اشتمال، وهو أحسن.

الثالث: أنه قَالَ: ذُرِّيَّتَهُمْ ولم يقل: ذريته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015