فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قادر عَلَى كل شيء، ويَوْمَ القِيَامَةِ إذا جحد الجاحدون والمكابرون ذنوبهم وأعمالهم ختم الله عَلَى فواههم وتكلمت أيديهم وتشهد أرجلهم وتنطق جلودهم؛ بل في آخر الزمان أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يكلم الرجل فخذه وعذبة سوطه، وتخبره ما فعل أهله من بعده، وهناك أشياء كثيرة ثابتة لا مجال الآن لاستعراضها، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يعجزه شيء وقد ذهب إِلَى هذا القول القفال وغيره من الذين فسروا الآية عَلَى خلاف ظاهرها.

[وقيل: إنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أخذ الأرواح قبل خلق الأجسام؛ وأنه جعل فيها من المعرفة ما علمت به ما خاطبها، ثُمَّ ذكر القرطبي بعد ذلك الأحاديث الواردة في ذلك إِلَى آخر كلامه] ولا جديد في كلام القرطبي وإنما ذكره المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ ليبين أنه ذكر القولين، وأن المسالة خلافيه، والقول بأنه أخرج الأرواح هذا هو القول الذي يجري عَلَى ظاهر الآية.

ثُمَّ قال: [وأقوى ما يشهد بصحة القول الأول: حديث أنس المخرج في الصحيحين الذي فيه (قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ، قَدْ أَخَذْتُ عَلَيْكَ في ظَهْرِ آدَمَ أنْ لا تُشْرِكَ بي شَيْئاً، فَأَبَيْتَ إلاَّ أنْ تُشْرِكَ بي) ] يقول: وهذا أقوى ما يشهد بصحة القول الأول، [وكفى به دليلاً قوياً] لأن حديث يرويه الإمامان الجليلان البُخَارِيّ ومسلم، فلا نطعن في صحته بأي وجه من الوجوه، وفيه التصريح بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أخذ العهد عَلَى بني آدم في ظهر أبيهم آدم ألا يشركوا به شيئا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015