وأما أن أناساً كانوا ينكرون ذلك بحق وحقيقة فلا يوجد ذلك، حتى فرعون فقد قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عنه: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً [النمل:14] وهو الذي يقول لموسى عَلَيْهِ السَّلام: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:23] .

وهذا السؤال لغرض التحايل والتهرب، وليس غرضه أن يعلم ما هي ماهيته، بل هو إنكار يحيد به عن الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وإلاّ فهو يعلم ذلك، فلا نحتاج إِلَى أن نشك في أن فرعون يعلم أو لا يعلم، لأنه لما أدركه الغرق قال: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ [يونس:90] ولم يقل: أنا ربكم الأعلى، فذهبت هذه المقالة في القصر في مكان العز والتمكين أما عند الغرق فقد نطقت الحقيقة، ولكن حيث لا ينفع الإقرار بها.

فمسألة الفطرة من أجل المباحث التي ينبغي أن تبحث، لكن ليس المقصود هنا هو ذلك وإنما المراد هنا أن نعرف علاقة الميثاق الذي أخذه الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى بني آدم بالفطرة، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أخذ الميثاق عَلَى بني آدم حينما استخرج ذرية آدم عَلَيْهِ السَّلام من صلبه وأشهدهم عَلَى أنفسهم واستنطقهم كما قال المفسرون في تفسير الآية وفي قول النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وأن عيسي عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إِلَى مريم وروح منه) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015