وقالوا: إن عيسى روح من الأرواح التي خلقها الله واستنطقها، كما صرح بذلك كعب الأحبار وغيره، فالله تعالى خلق الأرواح ثم استنطقها، فسألها أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا [الأعراف:172] أي شهدنا عَلَى أنفسنا ونطقنا بذلك، ثُمَّ يقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ [الأعراف:172] جملة أن تقولوا معناها: أي استنطقناكم واستشهدناكم كي لا تقولوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [الأعراف:172] وعَلَى الوجه الآخر أنه لا يجوز أن تقرأ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا [الأعراف:172] وتقف عَلَى كلمة (شَهِدْنَا) بعد أن وقفت عَلَى كلمة (بَلَى) ، بل تقف عَلَى الأول أو الثاني لأن كلمة (شَهِدْنَا) ستصبح هنا لا متعلق لها ولا معنى، فهذا الذي نفهم به هذه الآية من جهة علاقتها بموضوع الفطرة.

علاقة الميثاق بالروح

هذه المسألة تترتب عليها مسألة هل الأرواح مخلوقة قبل الأجساد أم لا؟

فذهب بعض النَّاس إِلَى أن الأرواح في جميع بني آدم خلقها الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في القدم، فبعد أن خلق آدم عَلَيْهِ السَّلام خلق أرواح ذريته جميعاً، فإذا أراد الله عَزَّ وَجَلَّ أن يخلقَ واحداً بعينه، يُحضرُ الملك الموكل بالأرواحِ، فينفخ تلك الروح فيه بينما هي مخلوقة من قبل وذهب إِلَى هذا القول بعض العلماء.

وقال بعضهم: لا يشترط أن تكون الروح بذاتها مخلوقة موجودة مستقلة قبل أن تخلق الأجساد، ولكنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذي هو عَلَى كل شيء قدير استخرجها ثُمَّ أعادها، فهي كما شاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في عالم الغيب إِلَى أن يشاء أن يخلق من شاء، فحينئذ يخلق روحه وما ذلك عَلَى الله بعزيز.

علاقة الميثاق بالقدر وبمراتبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015