أن يكون شهد أن لا إله إلا الله بهذا اليقين والإخلاص والصدق وحقق سائر الشروط، ثُمَّ ظلَّ يقوي إيمانه ويجاهد نفسه وكلما أرادت نفسه أن تضعف درجتها ومنزلتها في التوحيد والإيمان قواها، فلقي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو لم يزل عَلَى تلك القوة في الإيمان وفي تحقيق الشهادة، فلذلك حَرُمَ عَلَى النَّار.

الحالة الثانية:

ارتكب المعاصي ثُمَّ حقق شروط التوحيد: كمن ارتكب من الموبقات والذنوب والمعاصي ما شاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وعند قرب الموت تاب توبة نَصوحاً، وشهد أن لا إله إلا الله بيقين وصدق وإخلاص، وحقق شروطها، لقي ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو لم يقارف ما يوهنها من كبيرةٍ أو إصرارٍ عَلَى صغيرة، فهذا حاله يكون من النوع الأخير وهو الذي (حرم الله عليه النَّار) ومن هذه الطائفة السبعون ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وهَؤُلاءِ هم قمة وذروة من حقق التوحيد من المؤمنين، وبهذا نعرف حقيقةُ مذهبِ السلف الصالح رِضْوُانُ اللهِ تَعَالَى عليهم، ومباينته لما كَانَ عليه الخوارج والمعتزلة من جهة، والمرجئة من جهة أخرى، عافانا الله وإياكم من الضلال.

التوسل الممنوع

ثُمَّ يقول المصنف: [لأن السبب هو ما نصبه الله سبباً] أي: أن السبب هو ما جعله الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى سبباً، لا ما يتوهمه النَّاس سبباً، فترك تعذيب أهل التوحيد معنى من المعاني لم يجعله الله تَعَالَى سبباً من الأسباب التي نتوسل بها إليه، بل هو مسألة أجنبية بعيدة فقول القائل: "بحق فلان" أو "بجاه فلان" أما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فله جاه عند الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ومنزلة عظيمة، لكن هذا القائل أجنبي عن هذا الجاه وعن هذه المنزلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015