والمقصود بهذا النوع في الحديث: (لا يعذبهم) من حقق كمال اليقين وكمال الإخلاص، وفي الوقت نفسه لم يأت بكبائر الذنوب التي تضعف ذلك وتوهنه. والأحاديث التي وردت في فضل قول: "لا إله إلا الله" عَلَى نوعين:
النوع الأول: التي تدل عَلَى أن من قال: "لا إله إلا الله" عَلَى الروايات المطلقة، والروايات المقيدة (خالصاً من قلبه) أو (غير شاك) ، وأمثالها دخل الجنة.
والنوع الثاني: التي تدل عَلَى أن من قال: "لا إله إلا الله" حرم الله عليه النَّار كما في حديث عتبان الطويل وفيه (فإن الله حرم عَلَى النَّار من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) .
والوعد بدخول الجنة ليس معناه أنه لا يدخل النَّار إذ يحتمل أن يدخل النار، ثُمَّ يخرج منها، لأنه من أهل التوحيد -كما سبق معنا في أبواب الشَّفَاعَة الماضية-، أما النصوص التي جاءت بتحريم النَّار عليه كما في قوله: (فإن الله قد حرم النار) وقوله: (إلا غفرت لك ولا أبالى) وأمثال ذلك مما جَاءَ فيمن حقق التوحيد فإنها تفيد معنى آخر.
وهو أن الذي حرم الله تَعَالَى عليه النَّار لاشك أن توحيده ويقينه وإخلاصه وصدقه أعظم من ذلك الذي جَاءَ فيه الوعد بأنه يدخل الجنة.
وحديث معاذ قوله: (حقهم عليه أن لا يعذبهم) من النوع الثاني ومثل حديث عتبان رضى الله تَعَالَى عنه الذي يفيد أن من حقق التوحيد يحرم عَلَى النار، وهذا كما ذكر شَيْخُ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أن هذا الذي شهد أن لا إله إلا الله، وأتي بهذه الشهادة مع اليقين والإخلاص والصدق، ولم يأتِ معها بسيئات تضعفها أو توهنها، وهذا يحتمل في حقه حالتين:
الحالة الأولى: