وقد وعد اللهُ تَعَالَى أهل الخير والصلاح والتقوى بالأجر العظيم، فما شأن هذا القائل عندما يتوسل إِلَى ربه بمنزلة غيره؟! وما العلاقة؟! لِمَ يسأل الله بعمل غيره والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعلنا جميعاً عبيداً له، وافترض علينا عبادته وطاعته، وجعل لنا أسباباً مشروعة هي الوسيلة إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأمرنا أن نبتغي إليه الوسيلة بها، وهي توحيده جل وعلا وطاعته، وشرع لنا ما نتوسل به إليه وهي أسماؤه الحسنى، وكذلك الأعمال الصالحة عَلَى ما يأتي تفصيله إن شاء الله، ولكن المقصود هنا أن السبب هو ما جعله الله تَعَالَى سبباً لا ما جعله النَّاس أو توهموه أنه سبب، وهذا من القول عَلَى تَعَالَى بغير علم، أن يظن بعض النَّاس أن منزلة فلان عند الله تشفع للأجنبي فلان بن فلان!!

أما إذا قال قائل: "اللهم إني أتوسل إليك بمحبتي أو باتباعي لرسولك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لم تعد القضية علاقة أجنبية؛ بل أصبح هناك رابطاً لأن اتباعه ومحبته للرَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عمله، وهو في هذه الحالة يتوسل إِلَى ربه بعمله الذي عمله، وهو محبته له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتباعه له، وهذه هي الوسيلة المشروعة التي شرعها الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، والتي وصف بها أولياءه في القُرْآن بأنهم يتوسلون إليه بالإيمان به وبطاعته.

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[وكذلك الحديث الذي في المسند من حديث أبي سعيد رضى الله عنه عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قول الماشي إِلَى الصلاة (أسألك بحق ممشاي هذا، وبحق السائلين عليك) فهذا حق السائلين، هو أوجبه عَلَى نفسه، فهو الذي أحق للسائلين أن يُجيبهم، وللعابدين أن يُثيبَهم، ولقد أحسن القائل:

ما للْعِبَادِ عَلَيْهِ حَقٌ وَاجِبٌ كَلاَّ وَلا سَعْيٌ لَدَيْهِ ضَائِعُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015