فجاءت هنا كلمة "الحق"، فمعنى ذلك كما يقول المصنف: [فهذا الحق وجب بكلماته التامة، ووعده الصادق، لا أن العبد نفسه مستحق عَلَى الله شيئاً، كما يكون للمخلوق عَلَى المخلوق] فالمخلوق ممكن أن يستغني عنه ولكن لا غنى للمخلوق عن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
التوسل المشروع
وهو ماذكر في الفقرة الثالثة، وهذا النوع من التوسل لا خلاف فيه وَلله الحمد بين العلماء بل هو الذي ينبغي أن نتوسل به إِلَى الله تَعَالَى بعد توسلنا إليه بأسمائه الحسنى. كما علَّمنا ربنا تَبَارَكَ وَتَعَالَى وأخبرنا عن حال أولي الألباب الذين قالوا: رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا [آل عمران:193] وهذا العمل الصالح هو أعظم الأعمال، كما ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سئل أي العمل أفضل؟ قَالَ: (إيمان بالله وبرسوله) فهذا هو العمل المتوسل به والمطلوب في هذا التوسل هو رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ [آل عمران:193] ومثل هذا في القُرْآن والسنة كثير، وسوف نذكره إن شاء الله في موضعه.
والمقصود أنه يبقى نوعان من التوسل هما اللذان فيهما الإجمال أو الإشكال، النوع الأول كقوله: "اللهم بحق نبيك" أو "بحق الشيخ فلان" أو "بحق الوالي فلان"، وهو يقصد بذلك: أن يقسم عَلَى الله تعالى بهذا المتوسل به، وهذا فيه محذوران كما تقدم، ويأتي بعد ذلك إن شاء الله تفصيل الكلام في النوع الثاني.
يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [فإن الله هو المنعم عَلَى العباد بكل خير، وحقهم الواجب بوعده هو أن لا يعذبهم وترك تعذيبهم معنىً لا يصلح أن يقسم به، ولا أن يسأل بسببه ويتوسل به؛ لأن السبب هو ما نصبه الله سبباً] .