وحقيقة الأمر: أن أعداء الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ليس الأمر أنهم لم يعقلوا، وأن المجادلة لهم كَانَ فيها ضعف في الحجة مثلاً، أو لم تأتهم براهين عقلية تقنعهم بها، بل كما قال تعالى: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام:33] لذا قال قوم هود: إن من كَانَ قبلك جاؤا ببينات، وأنت يا هود ما جئتنا ببينة فلن نؤمن لك. فكان جوابه -عَلَيْهِ السَّلام- هو في حد ذاته بينة قال:: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [هود: 54-56] فكان هود عَلَيْهِ السَّلام يقول: إني أعلن إعلاناً عاماً عَلَى الملأ أنني برئ من معبوداتكم التي تقولون: إنها تضر أو تنفع فأنا برئ من هذه الآلهة، ومما تشركون من دونه، فكيدوني بأي أمر تريدون، واعملوا بي ما شئتم، فإنني لن يصيبني إلا ما يقدره الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فهو ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذٌ بناصيتها.