فآيات الأَنْبِيَاء عظيمة وعجيبة كآيات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث تأتي البشائر منذ لحظة ولادته، فيولد في المكان الذي كانت العرب تهفو قلوبها إليه ثُمَّ ينشأ، ويسمونه الأمين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يحفظوا عنه كذباً قط، وكان معصوماً بعصمة الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن أن يعبد الأصنام أو يسجد لها، أو يشارك أهل الجاهلية في أي عمل من أعمالهم الشركية الجاهلية، وما كَانَ يرجو أن يلقى إليه الكتاب، وما كَانَ يعلم ذاك ولا يتوقعه أبداً، ثُمَّ جاءت رحمة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وبعث بالآيات البينات، فلما جاءه جبريل بالوحي، كَانَ تقييم ورقة بن نوفل له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -شهادة شهد بها رجل من أُولَئِكَ القوم عنده علم من الكتاب فإنه قَالَ: (إن هذا هو الناموس الذي أنزل عَلَى موسى) يعني: جبريل -عَلَيْهِ السَّلام- ثُمَّ يؤيده الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بالبراهين العظيمة، كانشقاق القمر، وتكثير الماء من بين أصابعه، والإسراء، والمعراج به إِلَى السماء، ثُمَّ يكون التأييد الأعظم الذي ليس بعده تأييد؛ أن تتحول الأمة الأمية المحتقرة التي ليس لها تأريخ عَلَى الإطلاق ولا حضارات ولا أمجاد، وإنما يعرف الرجل منهم أن أباه فلان، وأنه من قبيلة كذا، وهي أقل أمم الأرض عدداً، أن تتحول هذه الأمة فتكون سيدة العالم وتفتح دول العالم، كل هذه آيات بينات عَلَى صدق رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكذلك ثمود لما أعطاهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الناقة مبصرة، وأخرج لهم هذا الحيوان العجيب العظيم الذي يأتي وله شرب يوم، ويعطيهم الحليب، كل هذه آيات بينات جعلها الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لأنبيائه.