ويبين المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنزل هذا القُرْآن بياناً للناس ولذلك قَالَ: حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ [الزخرف:2] في آيات كثيرة، وقَالَ: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ [آل عمران:138] فهذا الكتاب مبين أي: مبين للحجج موضح للحق، وأعظم قضية بينها القُرْآن هي وحدانية الله، بل سائر صفات الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وما يتعلق بتوحيده في أنواعه الثلاثة -التي مرت معنا- لا كما يزعمه الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة ومعطلة بعض الصفات؛ من دعوى أن الآيات والأحاديث السمعية النقلية توقع في الحيرة وتدل عَلَى معانٍ محيرة؛ ولهذا لجؤوا إِلَى القواطع أو البراهين العقلية، فرد عليهم المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد أوضح وبين في كتابه، وحدانيته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وسائر صفاته بما لا مجال معه لقول هَؤُلاءِ النَّاس بأنها غير واضحة، أو أنها توقع في الحيرة، فمثلاً: في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] ورد الاستواء في سبع آيات من القُرْآن الكريم فيقولون: إن هذا المعنى يوقع العقول في حيرة، فهي تتصور كذا وتتصور كذا، فتقع في حيرة، فنقول لهم: إن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد بين أعظم البيان، ولكن الحيرة أو الاضطراب وعدم الفهم سببه أن المحل الذي خوطب لا يفقه ولا يفهم كما قال الشاعر:

وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015