فلما تخيلوا معنى الاستواء أنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فوق العرش بشكل هم يتخيلونه، وتركوا الآيات والأحاديث الأخرى، مثل قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] التي تدل عَلَى التنزيه، وأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أعظم من أن تتوهمه الأذهان أو الخيالات، قالوا هذه الآيات توقع في الحيرة، كيف نقول: إن الله عَلَى العرش استوى ثُمَّ نقرأ قوله تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [الحديد:4] ؟ هذه توقع في الحيرة، فيردون هذه الآية، ويلجؤون إِلَى قواعد وضعوها هم أنه لا داخل العالم ولا خارجه، فردوا الآيتين معاً، ولو أنهم إذ لم يفهموا ذلك رجعوا إِلَى أهل العلم ليبينوا لهم أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بذاته فوق جميع المخلوقات، والعرش أحد هذه المخلوقات، وهو بعلمه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وباطلاعه وإحاطته مع كل أحد، وليس هناك أي تعارض ولا تنافي، بل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصل ذلك، والصحابة فهموه ومن بعدهم وأجمعوا عليه، وليس في ديننا شيء أوضح من معرفة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لأنها هي أشرف أنواع المعلومات، فهي أشرف العلوم جميعاً.
بعض أدلة وحدانية الله تعالى
إن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد بين في القُرْآن حقيقة الوحدانية في آي كثيرة جداً:
أ- منها: الاستدلال بتوحيد الربوبية الذي يؤمن به الكفار عَلَى الوحدانية.