أما توحيد الألوهية الذي هو توحيد الإرادة والطلب فإنه أعمال؛ ولذلك قلنا التوحيد العملي وذاك التوحيد الاعتقادي، فهذا إيضاح لسبب هذه القسمة، ولذلك ذكر المُصْنِّف -هنا- أمثلة كما في أول سورة "الحديد:"، وسورة "طه"، وآخر سورة "الحشر"، وسورة "السجدة"، وآخر سورة "آل عمران" وسورة "الإخلاص"، وآية الكرسي وهي أعظم آية في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ.

وآية الكرسي: هي من أعظم الأدلة عَلَى توحيد المعرفة والإثبات، وكذلك تضمنت توحيد الألوهية أو توحيد الطلب والإرادة؛ وهي آية قصيرة أو صغيرة وقد لا يدرك المرء معانيها ولكنها في الحقيقة لم تكن أعظم آية من كتاب الله إلا لحكم عظيمة لو تأملها المسلم لو عرف شيئاً كثيراً منها.

فآية الكرسي: عبارة عن عَشْر جُمل، كل جملة من هذه الجمل تشتمل عَلَى أصل عظيم، وقاعدة عظيمة فيما يتعلق بمعرفة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ولو أن أحداً فهم هذه الآية حق الفهم، وأدرك معانيها حق الإدراك، لعرف حقيقتها وعرف الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- معرفة عظيمة بآية واحدة في جمل معدودة، وهذا من عجائب القُرْآن وعظمته، حيث أودع فيه من العجائب ما لا تدركه أكثر الأفهام، مهما نهلت منه ومهما أخذت منه.

فهذه السور في التوحيد الطلبي والقرآن كله متضمن لنوعي التوحيد:

توحيد المعرفة والإثبات، كالآيات التي جاءت في الاستواء، والتي جاءت في صفات الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مثل: آخر سورة "السجدة" وأول "الحديد".

وسورة "الإخلاص"كلها كما قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، ولذلك صح الحديث (بأن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن) لاشتمالها عَلَى نوع من أنواع التوحيد وهو توحيد الأسماء والصفات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015