وإن قلنا إن التوحيد نوعان: فتكون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا توحيد المعرفة والإثبات، و (ِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ إِلَى آخرها توحيد الإرادة والطلب؛ لأن الإرادة والطلب لا تكون إلا بعبادة الله وحده، والاستعانة بالله وحده، واتباع طريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده الذي هو الصراط المستقيم، فتكون السورة نصفين عَلَى هذا الأساس أي: توحيد المعرفة والإثبات، وتوحيد الطلب والإرادة والقصد.

وكما يقول المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إن القُرْآن أفصح عن النوع الأول - توحيد المعرفة- كل الإفصاح، وقد سبق أن شرحنا معنى (المعرفة) .

ومعرفة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إثبات ما أثبته لنفسه تَعَالَى أو أثبته رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يتعلق بمعرفته، ولا يستلزم منا -عملاً- إلا الإيمان به والإقرار به، وإن كَانَ له أثره عَلَى جوارحنا وعلى أعمالنا.

وتوحيد الألوهية: هي أوامره علينا، فيأمرنا الله عَزَّ وَجَلَّ أن نصلي له وحده، وأن نذبح له وحده، وأن ننذر له وحده، وكذلك الخوف والرجاء والمحبة وبقية أنواع العبادة، هذا جانب توحيد الألوهية.

وأما توحيد المعرفة والإثبات، أو توحيد الأسماء والصفات، فإنما يستلزم أو يتطلب منا أن نعرفه، ونؤمن به، ونستيقن، ولا يشترط أن يترتب عليه في ذاته أمر لنا إلا الاعتقاد، فلم يكلفنا نَحْنُ بعمل، لكن كلفنا أن نعتقد أن لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يدين وأن له عينين، وأنه ينزل في الثلث الأخير من كل ليلة، فنؤمن ونعتقد بها، ونؤجر عَلَى الإيمان بها واعتقادها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015