فأعظم أسباب وقوع الشرك: تعظيم غير الله، ولذلك يقول الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في أول سورة الأنعام: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1] أي: يجعلون أحداً عديلاً له، يساويه بالله في المحبة، وفي التعظيم والتقديس وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ [البقرة:165] فالعدل والتسوية هي في المحبة والتعظيم والتقديس؛ لا في اعتقاد أنهم يخلقون كخلق الله، أو يرزقون كما يرزق الله سبحانه.
وهنا شيء عجيب، وهو أن النَّاس كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله مخلصين له الدين، وهذا هو شرك القدامى، ولكن عظم الشرك في المتأخرين، حتى أصبحوا يدعون غير الله تَعَالَى في وقت الشدة، وفي وقت الرخاء معاً، وهذا -والعياذ بالله- غاية الانتكاسة، نسأل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يجنبنا وإياكم الشرك دقيقه وجليله، وأن يباعدنا عنه، وعن طريقه، وعن كل ما يوصل إليه، وأن يجعلنا من عباده الموحدين المؤمنين.
أهمية توحيد الألوهية
موضوع توحيد الألوهية هو موضوع مهم، يبنغي لنا أن نعيد النظر والكرة إليه ونتأمله، لا سيما أنه في هذا الكتاب قد لا يعود إلينا إلا في الأخير في مواضيع متفرقة، لأن الشغل الشاغل لابن أبي العز رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هو توحيد الأسماء والصفات، ثُمَّ ما يتعلق بمسائل العقيدة الأخرى، كالقدر والإيمان والصحابة وكرامات الأولياء ونحو ذلك، أما موضوع توحيد الألوهية فهو عَلَى أهميته لم يكن هو الموضوع الأساس في هذه العقيدة، وإنما هو أحد هذه الموضوعات.