وأما الملائكة والأنبياء -رضوان الله تَعَالَى عليهم- فلا يرضون أن يدعو من دون الله، ومن عُبد من دون -وهو غير راض- فإنه يتبرأ يَوْمَ القِيَامَةِ من هَؤُلاءِ، كما تبرأ المسيح، قال الله: وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ [المائدة:116-117] وهذا القول هو أول قول قاله بعدما خلقه الله: إني عبد الله، ويَوْمَ القِيَامَةِ يقول: ما قلت لهم إلا ما أمرتني به: أن اعبدوا الله، -يعني: أنا بريء منهم ومن شركهم- فحينئذٍ يقع الشرك عليهم، وتقع العقوبة والعذاب عَلَى العابدين فقط.
وأما الجن فلأنهم رضوا أن يعبدوا فتكون النَّار للجميع هم ومن عبدهم.
وأما الملائكة فيقولون: بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [سبأ:41]-أي: أكثر الإنس مؤمنون بالجن- فالذين يعبدون الجن من الإنس أكثر من الذين يعبدون الملائكة، لأن الملائكة تتبرأ يَوْمَ القِيَامَةِ منهم.