قالوا: صاحب هذا القبر يقربنا إِلَى الله -بنفس الكلام الذي قاله أصحاب الجاهلية: (هَؤُلاءِ شفعاؤنا عند الله) - فهذا الميت الذي في القبر يشفع لنا عند الله، هذا ما يقولونه وهذا ما يزعمونه، ولكنه في الحقيقة: هو عين الشرك الذي جَاءَ النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأنبياء بمحاربته.
وأوحى الله إِلَى نبيه مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى من قبله: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] وتهدد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه لا يدخل الجنة مشرك قط أبداً، فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النَّار وما للظالمين من أنصار.
ويجب أن تبين لهم هذه الحقيقة، ليتركوها وليرتدعوا عنها، ولا يصلى في المسجد الذي فيه قبر، فهذا محرم، ولكن ليس فاعله مشركاً لأنه:
أولاً:- لا يجوز الصلاة في أماكن القبور.
ثانياً:- لأنه إذا كانت هذه الأماكن يعبد فيها غير الله، ثُمَّ جَاءَ الإِنسَان يعبد الله فيها، فكأنه يكثر سواد الْمُشْرِكِينَ، ولا يجوز لأحد أن ينحر بمكان ينحر فيه لغير الله، ولا أن يصلي بمكان يصلى فيه لغير الله، وإن لم يقصد الشرك لأن فيه تكثيراً لسوادهم وهو ذريعة بأن يأتي بعده أحد فيشرك، كما وقع الشرك في قوم نوح، ولهذا قطع عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الشجرة التي في الحديبية ولم يعلم أحد بمكانها.
ففي المرة الأولى: ستزار عَلَى أنها أثر مقدس، يتذكر الإِنسَان فيها الصحابة -رضي الله عنهم-، وكيف بايعوا تحت هذه الشجرة.
والمرة الثانية: يزداد تعجباً ويتأمل في الأغصان وفي السيقان، وينسى موضوع البيعة.
والمرة الثالثة: يقول: إن كَانَ لي حاجة أقضيها دعوت الله عند هذه الشجرة فيستجيب الله لي، لأن هذا المكان عظيم اجتمع فيه الصحابة وبايعوا فيه الرَّسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.