وقد قال النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لتتبعن سنن من كَانَ قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، وحتى لو أن أحدهم أتى امرأته عَلَى قارعة الطريق لفعلتموه!) فالواجب عَلَى المؤمنين الموحدين هو: إنكار هذه الأمور أشد الإنكار وتوعية الناس، وتعليم الجهال بأن لا يرفعوا القبور، وأن لا ينصبوا التماثيل، وهذا مما هو مجمع عليه -ولله الحمد-، ولم يخالف عليه أحد من العلماء بإطلاق، ولم يكن هذا الأمر في أي بلد من بلدان الْمُسْلِمِينَ -على ما كثر فيها من الجهل والضلال- إلا في هذا العصر، متأثرين بأوروبا النصرانية الملحدة التي تصور عيسى عَلَيْهِ السَّلام وأمه في كل مكان كما سيأتي في الحديث الآخر الذي اتفق عليه الشيخان وهو قوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لعن الله اليهود والنَّصارَى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد} ولما ذكر له الكنيسة التي بأرض الحبشة وما فيها من الصور، وهذا من ديدن الكنائس أنهم يجعلون صور المسيح عَلَيْهِ السَّلام في الكنائس وفي كل مكان، ولهذا يعبدونه من دون الله، ولم يعبدوا المسيح فقط بل حتى القديسين الذين يقدسونهم عبدوهم، بل في العالم الغربي لا يزال إِلَى الآن في قلوبهم تعظيم القديسين، وما تزال أسماء مدنهم وشوارعهم بأسماء القديسين سان مون، أو باسم القديس يوحنا، أو القديس جورج، أو القديس فلان فلعنهم النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنهم كانوا إذا مات فيهم النبي أو العبد الصالح إما أن ينصبوا تمثالاً يعبدونه، وإما أن يتخذوا قبره مسجداً فيبنون عليه القبة، ويقولون: نَحْنُ لا نعبد صاحب القبر وإنما نعبد الله كما قال أسلافهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] فإذا قيل لهم: إذا كنتم تعبدون الله، فلم لا تعبدونه إلا عند هذا القبر؟
ولم تشيدون هذا القبر؟