وفي صحيح مسلم عنه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال قبل أن يموت بخمس: (إن من كَانَ قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك] اهـ.

الشرح:

هذه الأحاديث من أعظم ما يدل عَلَى حرص النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حماية جناب التوحيد، وسده لكل ذريعة توصل إِلَى الشرك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بأي صورة من الصور، فإن علياً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يقوللأبي الهياج: (ألا أبعثك عَلَى ما بعثني عليه النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أمرني أن لا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً إلا طمسته) وهذه سنة لكل موحد من الموحدين من المؤمنين، أنه لا يدع قبراً مشرفاً إلا ويسويه، ولا يرى تمثالاً إلا ويطمسه، ومن سار عَلَى نهج النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجب عليه إذا رأي قوماً يعظمون ذلك أو يفعلونه أن ينكر عليهم ويبين لهم، فإن كَانَ يستطيع أن يغيره باليد، كما فعل أبو الهياج وكما فعل عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فيجب عليه ذلك باليد، وإن لم يستطع وجب عليه أن يقيم الحجة عَلَى عباد القبور الذين يرفعون القبور، والذين ينصبون الصور والتماثيل ويعبدونها من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فإن من رحمة الله -سبحانه- أننا أمة لا تنحت التماثيل، ولا تعظمها، ولا تقدسها، وهذه القضية ذكرها كثير من علماء الغرب في الدول الغربية، وحتى في كثير من دول العالم الإسلامي، لا تمر بميدان إلا وتجد تمثالاً، وهناك حركات دينية في داخل أوروبا تسمى حركة طمس التماثيل أو تحطيم التماثيل، ويدعون أن هذا امتهان للإنسان الحي، وتأليه للإنسان الميت، فكأن قائلاً يقول: إنكم أيها الأحياء لا يوجد فيكم من يمكن أن يقدم لأمته، مثل ما قدم هذا الرجل، وهذا احتقار للبشر الأحياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015