وقع الشرك في بلاد العرب؟، وقلنا إنه كَانَ بسبب الانبهار الحضاري، وأن عمرو بن لحي الخزاعي هو الذي أسس الشرك في جزيرة العرب بعد التوحيد، وغيّر ملة إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- وذهب إِلَى بلاد الشام، ورأى النَّاس يعبدون الأصنام هناك، فجاء إِلَى العرب بهذه التجارة الفاسدة، واستوردها وجعلها عند البيت الحرام الذي جعله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أول بيت وضع لكي لا يعبد إلا الله، فجاء عمرو بن لحي بالأصنام، ثُمَّ عبدت وبقيت قريش تتناقل ذلك، حتى بعث فيهم النبي الأمي دعوة إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- وهو مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فلم يكن الشرك واقعاً في الربوبية، كما في توحيد الألوهية، وكان سبب وقوع الشرك هو: تعظيم غير الله -عَزَّ وَجَلَّ- وتقديسهم وخاصة الصور.
ولذلك ذكر المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الأحاديث الواردة في ذلك، وفي طمس الصور، وتسوية القبور، لأنها ذرائع إِلَى عبادة غير الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
يقول المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي الهيّاج الأسدي قَالَ: قال لي على بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك عَلَى ما بعثني رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟: (أمرني أن لا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته) .
وفي الصحيحين عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في مرض موته: {لعن الله اليهود والنَّصارَى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا قالت عَائِِِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً} ، وفي الصحيحين أنه ذكر له في مرض موته كنيسة بأرض الحبشة، وذكر له من حسنها وتصاوير فيها، فقَالَ: (إن أُولَئِكَ إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا عَلَى قبره مسجداً وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يَوْمَ القِيَامَةِ) .