أهل السنة يقولون: نحن نحب الصحابة، ولكن لا نغلو في حب أحد منهم؛ لا الخلفاء الثلاثة، ولا أهل البيت، فحبنا لهم حب متوسط ليس فيه غلو وليس فيه جفاء، الرافضة غلوا في أهل البيت حتى رفعوهم عن طورهم وأعطوهم شيئاً من حق الله، بل صاروا يعبدونهم من دون الله، ويدعونهم في الشدائد، ويدعونهم في الكربات، وينسون الله تعالى، وأما بقية الصحابة فجفوا في حقهم وضللوهم وبدعوهم وتبرءوا منهم، فقد جمعوا بين الغلو والجفاء، ولم يتوسطوا في واحد منهما توسط أهل السنة، فخير الأمور أوسطها، فلا غلو ولا جفاء، ورد في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ علي: (تهلك فيك طائفتان) يعني: طائفة غلوا، وطائفة جفوا، فالطائفة الذين جفوا هم النواصب والخوارج؛ فإن الخوارج خرجوا على علي وكفروه وقالوا له: حكمت الرجال، وقالوا له: لا حكم إلا لله، وقاتلوه إلى أن قتله أحدهم، وهو عبد الرحمن بن ملجم، حيث زعم أنه مرتد بقبوله قول الحكمين، واشترطوا في توبته أن يعترف أنه كفر، ويعترف بأن عمله وجهاده كله باطل، وأن يعتبر نفسه يستقبل عملاً جديداً، فهؤلاء ماذا نسميهم؟ نسميهم جفاة، جفوا في حق أهل البيت، بل نسميهم هالكين؛ لأنهم هلكوا حيث كفروا من هو من أجلاء الصحابة، وضللوا علياً ومن كان في بيت علي ممن رضي الله عنه، وقد كثر مذهب أولئك الخوارج الذين يكفرون علياً، بل ويمدحون من قتله، كما روي أن عمران بن حطان كان من أهل السنة، وروى أحاديث عن عائشة وعن غيرها من الصحابة، ثم تزوج امرأة من النواصب - أي: من الخوارج- ورجا أن يؤثر عليها حتى ترجع وتكون من أهل السنة، ولكن أثرت عليه، ولقنته مذهب الخوارج، فأصبح من الخوارج إلا أنه ليس من المتعصبين، لكنه من قعدتهم الذين يقعدون ولا يخرجون، وهو الذي مدح ابن ملجم في أبيات مشهورة يقول فيها: يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره يوماً فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا يعني: ابن ملجم الذي قتل علياً، فهؤلاء بلا شك طرف هالك حيث أبغضوا هذا الصحابي رضي الله عنه الذي هو من أجلاء الصحابة، أما الطرف الثاني فهم الشيعة، ومذهبهم معروف بالغلو في آل البيت.