أول ما يكون يقوم القيامة النفخ في الصور، وقد ذكر في القرآن في عدة مواضع، فذكر الله نفختين أو ثلاث نفخات، نفخة ذكر بعدها الفزع في سورة النمل: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل:87] ، وسميت في سورة الزمر بنفخة الصعق: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر:68] ، يقول بعض العلماء: إنها نفختان: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، وقال بعضهم: بل نفخة واحدة، يفزعون في أولها ثم يصعقون في آخرها، وقال بعضهم: إن الفزع صعق، أي: موت، أي: أن أوله فزع ثم موت.
أما النفخة الثانية فهي نفخة البعث، وهي مذكورة في قوله: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:68] ، وهي النفخة التي يبعثون بعدها، ورد في الحديث: (ما بين النفختين أربعون) ، وتوقف الراوي لا يدري هل هي أربعون يوماً، أو أربعون شهراً، أو أربعون سنة؟! وجزم بعضهم أنها أربعون سنة، أي: بين نفخ الصعق وبين نفخة القيام لرب العالمين.
وبعد النفخة الثانية تسوقهم الملائكة إلى الموقف، وهذا يسمى الحشر كما في قوله تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} [الكهف:47] ، وبعد ذلك العرض كما في قوله: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً} [الكهف:48] أي: صفوفاً، وبعده الوقوف: وهو القيام الطويل.
وإذا تأملنا النصوص وجدنا ما يؤيد هذه الأشياء في آيات متتابعة متكررة، فقوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة:13] ، هي نفخة البعث أو نفخة الصعق، {وَحُمِلَتْ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} [الحاقة:14] أي: جعلت الأرض والجبال شيئاً واحداً، حتى تكون مستوية صالحة لأن يوقف عليها، {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ} [الحاقة:15] أي: حصلت الواقعة التي هي يوم القيامة.