Q إنا نرى في زماننا هذا، وبين معارفنا مذهب جهم بن صفوان، حيث إذا أمرنا أحداً بالمعروف، ونهيناه عن المنكر الذي هو واقع فيه قال لك: إن الإيمان بالقلب، أو قال: المهم أن تكون النية صالحة، فكيف نتعامل مع هؤلاء جزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال.
فجعل الذي في القلب يظهر على الأعمال، فنحن نقول لهذا: أثبت لنا أنك مؤمن، هل تريد أن نشق عن قلبك حتى نرى أنه أبيض أو أسود؟ نحن إنما نعاملك بالظاهر، فظاهرك أنك فاسق، وظاهرك أنك عاصي، وظاهرك أنك طريد شريد، ونحن نبغضك على ما يظهر منك، ونحن نمقتك وإن كان قلبك ما كان، فنحن ما نعاملك إلا بما يظهر لنا، ولا يصح أن نحسن الظن بكل أحد يقول: أنا مؤمن؛ فإن الناس لا يوثق بأقوالهم.
وبكل حال هؤلاء الذين يتمادون في العصيان، ويتركون العبادات والطاعات، ويدعون أن إيمانهم كامل، وأن الإيمان يكفي فيه المعرفة في القلب الذي هو مذهب جهم؛ فسقة سيما إذا تظاهروا بالعصيان، فلا نصدقهم، بل نعاقبهم بالعقوبة التي تردعهم وتردع أمثالهم.