الأحاديث التي رواها الثقات وكتبت في أمهات الكتب قد تأكد العلماء من صحتها.
وإذا قيل: إن هناك أحاديث موضوعة، وأحاديث مكذوبة قد رويت وقد كتبت، وقد ألفت فيها الكتب، فما دام أن الأحاديث وجد فيها مكذوب، ووجد فيها موضوع، ووجد فيها ضعيف ومضطرب ومعلوم وشاذ وكذا وكذا فكيف تعتمدون هذه الأحاديث وتجعلونها دليلاً، وتعتقدونها في المعتقد، والعقيدة لا تعتمد إلا على اليقين؟
وصلى الله عليه وسلم قد أجاب الشارح رحمه الله وبيَّن أن الأحاديث قد يسر الله لها من يحررها وينقحها، ويبين صحيحها من سقيمها، هؤلاء العلماء هم علماء الحديث الذين رزقهم الله علماً ثاقباً، ورزقهم الله فهماً وقوة يدركون بها ما هو حديث وما ليس بحديث، ولأجل ذلك شبههم بالنقاد، وشبههم بالصيارفة، والصيرفي: الذي حرفته أن يصرف الذهب والفضة، ويبيع هذا بهذا، فحرفته منذ نشأ أن يعرف الدرهم الذي فيه غش، والدينار الذي فيه غش، والجنيه المغشوش الذي فيه زيف، والحلي الصافي، والحلي المغشوش المخلوط؛ لأن هذه حرفته وصنعته، فكذلك أهل الحديث، هذه حرفتهم وهذه صنعتهم، منذ أن نشئوا وهم يتتبعون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت معهم ملكة يدركون بها ما هو صحيح وما هو ضعيف، لدرجة أن أحدهم لمجرد سماعه أول الحديث يقول: هذا ضعيف، هذا مكذوب، وبمجرد سماع الإسناد يعرفون من هو مقبول الحديث ومن ليس بمقبول، هؤلاء هم الذين يسرهم الله تعالى لحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.