السبب الرابع: المصائب التي تصيب الإنسان في هذه الحياة، والأدلة على ذلك كثيرة، الله تعالى يسلط المصائب على الناس ليختبرهم، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:31] يعني: نبتليكم بالمصائب حتى نطهركم، وحتى نختبر من يصبر ومن يجزع.
وردت أدلة كثيرة تدل على أن الحسنات تزداد بالمصائب، والسيئات تمحى بالمصائب، فإذا صبر العبد على المصيبة كتب له بها حسنات، ومحي عنه بها سيئات، المصائب تعم المصائب في النفس وفي المال وفي الأولاد وفي الأقارب ونحو ذلك، فإذا أصاب الإنسان خوف أو مرض أو جوع أو فقد مال أو فقد ولد أو موت قريب، وحزن على ذلك، وأصابته هذه المصيبة، ولكنه علم أنها من الله؛ أثابه الله.
قال علقمة في قول الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] : (هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء) قوله: (عظم الجزاء) يعني: كثرة الجزاء، وقوله: (مع عظم البلاء) يعني: مع كثرة الابتلاء، ثم قال: (وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط) ، وفي الحديث: (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة) .
وسمعنا قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب العبد من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله بها من خطاياه) وهذا بشرط أن يعلم أنها من الله ويصبر.
أما المصائب التي تصيب بعض الناس فيشتكي إلى الناس ويجزع ويصيح وينوح، فإن هذا يبطل أجره، ولهذا وردت الأدلة الكثيرة في بيان وجوب الصبر، والنهي عن الجزع.