قال رحمه الله: [وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس، فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزاً، والعاجز لا يصلح أن يكون إلهاً، قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الأعراف:191] ، وقال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [النحل:17] ، وقال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} [الإسراء:42]] .
معنى كونه متضمناً لتوحيد الربوبية أنه لا يمكن أن يعترف بأن الإلهية الحقة لله تعالى وهو ينكر أن يكون هو رب العالمين، فمن اعترف بأن الله هو الإله الحق اعترف بأنه الخالق الرازق المدبر المتصرف، فتوحيد الربوبية في ضمن توحيد الإلهية دون العكس؛ إذ ليس كل من اعترف بتوحيد الربوبية يعترف بالإلهية، فهناك من يعترف بتوحيد الربوبية ويشرك في توحيد الإلهية.
والحاصل أن هذه الآيات ونحوها تقرر توحيد الإلهية، ولكن عرفنا أنه مسبوق بتوحيد الربوبية ومتوقف عليه.
وتوحيد الربوبية يعرف بالأدلة والآيات والفطرة كما تقدم، ولكن توحيد الإلهية هو الذي يحتاج إلى أدلة، ويحتاج إلى بيان، ويحتاج إلى تعليم، ولهذا جاءت الرسل بالتعليم لتوحيد الإلهية، بأن يقولوا للناس: وحدوا الله بالدعاء، ووحدوه بالرجاء، ووحدوه بالاستعانة به، ووحدوه بالخوف منه، ووحدوه بالخشية، ولا تستعينوا بغيره، ولا تستغيثوا بسواه.
إلى آخر أنواع العبادة، هذا هو توحيد الإلهية الذي يحتاج إلى تفصيل.