الرد على المستدلين بحديث: (أسألك بحق السائلين)

فإذاً: يبقى علينا هذا الحديث الذي يكثر أن يستدل به القبوريون، وهو الحديث الذي رُوي عن أبي سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن أحدكم إذا خرج من بيته يقول: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا؛ فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي جميعاً؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) يقوله في طريقه إلى المسجد.

والجواب أن هذا الحديث فيه ضعف، حيث إن في طريقه أو في إسناده عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف، ثم على تقدير صحته لا دلالة فيه، فليس معنى (حق السائلين) جاههم، فجاه الناس كلهم سواء، ولو كان كذلك لقال: أسألك بحق النبيين، أو: بحق الأولياء، أو: بحق، فلان أو فلان من الأولياء، كـ عبد القادر أو البدوي أو نحوهما، ولكن قال: بحق السائلين، وما هو حق السائلين؟ هو ما وعد الله من سأله بالثواب، فحق السائلين على الله أن يجيبهم، وحق العاملين أن يثيبهم، فهذا هو حقهم الذي يسألون الله به، فكأنك تقول: يا رب أسألك بما جعلته حقاً على نفسك لمن سألك أن تجيب فأنا من جملة السائلين فأجب سؤالي وأثبني على أعمالي، فلما كان هذا حق السائلين كلهم كنت أنت من السائلين.

يقول: يا رب أنا من جملة السائلين، وقد جعلت للسائلين عليك حقاً بقولك: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] ، وبقولك: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] ، فإذاً: أنا من السائلين، فأسألك بما جعلته حقاً على نفسك وبما وعدت السائلين أن تجيبهم.

فهل في ذلك توسُّلٌ بالجاه؟! وهل في هذا توسل بحق مخلوق؟ ليس فيه توسلٌ في حق مخلوق.

إذاً: فكيف يتعلق بهذا القبوريون الذين يدعون فلاناً وفلاناً ويقولون: إن هؤلاء من جملة الذين أمرنا بأن نتوسل بحقهم، وأن نسأل الله بحقهم.

فلا يُغتر بمن يستدل بهذا الحديث على أنه دليل في جواز السؤال بحق الأموات أو بحق الأولياء أو غير ذلك، فليس فيه أي دليل، وقد أورد العلماء هذا الحديث في الرد على من استدل به من القبوريين، وفي الرد على المشركين الذين جعلوه طعناً على الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي يمنع من السؤال بحق المخلوق، وبجاه مخلوق أياً كان.

فكل من دعا معه أحدا أشرك بالله ولو محمدا فيقولون: هذا دليل على أنه يجوز السؤال بحق المخلوق.

فأين السؤال فيه بحق المخلوق؟ إنما فيه السؤال بما جعل الله، كأنه يقول: أنت وعدت السائلين أن تجيبهم فأنا من جملة السائلين فأجب سؤالي فلا دلالة فيه على شيء مما يتعلقون به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015