وأما قولهم: حملنا على ذلك أن الرؤية لله فيها تشبيه، فإذا قلنا إنه يُرى فإنه يكون مشابهاً لخلقه -تعالى الله عن قولهم- ف
صلى الله عليه وسلم ما الذي أشعركم؟ فلو رأوه كلهم هل يلزم أن يكون مشابهاً لخلقه؟! حاشا وكلا؛ فالله سبحانه ليس كمثله شيء، ولا يلزم إذا رأوه أن يكون مماثلاً لشيء من مخلوقاته، بل هو كما يشاء، وقد أكد النبي عليه الصلاة والسلام هذه الرؤية وأخبر بأنها من أعلى نعيم أهل الجنة وأنها غاية مقصدهم ومرامهم، حتى يقول بعضهم: ولو أني استطعتُ غضضتُ طرفي فلم أنظر به حتى أراكا فعلى كل حال لا يُغتر ولا يُلتفت إلى تلك التأويلات، والمؤمن يتقبل هذه النصوص ثم يعرف الفائدة، والفائدة رسوخ عقيدته في قلبه وأنه مؤمن بالله وبما جاء عن الله، ويقينه أو تصديقه بأن المؤمنين يرون ربهم في دار كرامته، وبأن المؤمنين يتنعمون ويلتذون بهذه الرؤية، وأنها من جملة نعيمهم، وقبوله للأدلة التي دلت على ذلك وعدم تسليطه للتأويلات، وإعراضه عن تأويلات المتكلمين وعدم الإصغاء إلى أقوالهم، وإعراضه عن الأدلة العقلية التي ولَّدوها والتي زعموا أنها براهين وهي في الحقيقة شبهات وضلالات.