Q أناس ماتوا بعد مجيء الإسلام ولكن قبل أن تصلهم الرسالة، فهل يعاملون معاملة الكافرين يوم القيامة أم لا؟ وما هو القول الفصل فيمن مات قبل البلوغ، هل يعامل معاملة أبويه أم يدخل الجنة مباشرة؟
صلى الله عليه وسلم السؤال الأول يدخل فيه أهل الفترات، فهؤلاء على الصحيح أنهم يمتحنون في الآخرة، أعني أهل الفترات الذين ما بلغتهم الرسالة أو كانوا في زمنها ولكنه ما وصل إليهم خبرها وتفاصيلها، وكذلك الذين في أطراف البلاد ولم تصل إليهم تفاصيل الشريعة، يقولون: يا ربنا! ما جاءتنا الشريعة ولا علمنا بتفاصيلها فبقينا على جهل! فيمتحنون في الآخرة، ويروى أن الله يخلق أمامهم شبه نار ويقول: ادخلوها، فمن علم الله أنه سعيد دخلها وكانت عليه برداً، ومن علم الله شقاوته امتنع، فيقول الله: عصيت أمري فكيف لو جاءتك رسلي؟ أدخلوه النار.
وتجد الأدلة على ذلك في تفسير ابن كثير عند قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15] ، حيث أورد مثل هذه الأحاديث.
وأما الذي مات قبل البلوغ فإن كان من أولاد المشركين فحكمه حكم أهل الفترات، وإن كان من أولاد المسلمين فإنه من أهل الجنة؛ حيث إنه نشأ بين أبوين مسلمين وفطرته فطرة الإسلام، وهو على ما عليه آباؤه وأهله، فأولاد المسلمين يكونون أفراطاً لهم ويدخلون معهم الجنة ويرفعون إلى منازل آبائهم، والأدلة على أن أفراط المؤمنين يتقدمونهم كثيرة، وعلى رفع الأولاد حتى يكونوا مساوين للآباء قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:21] ، يعني رفعنا الأولاد إلى مرتبة الآباء تكريماً لهم.