معلوم أن هذه الأفعال تسمى صفات فعلية، ومعلوم أنها تتجدد، ولأجل ذلك كانت عقيدة أهل السنة أن كلام الله قديم النوع متجدد الآحاد، يعني: أنه متكلم وأنه يتكلم بخلاف من يقول من المعتزلة ونحوهم: إن كلام الله قديم، ومعناه أنه لا يتكلم الآن، تعالى الله عن ذلك، وهكذا بقية الصفات فيقال: الله موصوف في الأزل بأنه يغضب ويرضى ولا يزال على ذلك حتى يوم القيامة، وقد أخبر الأنبياء بأنه يغضب وبأنه قد غضب، كما في حديث الشفاعة يقول آدم: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله) ، وكذلك يقول نوح وإبراهيم وموسى وعيسى إذا طلب منه الشفاعة، فيدل على أن الله موصوف بالغضب أزلاً وأنه يغضب إذا شاء.
ومعلوم أن المعاصي التي رتبت عليها العقوبات تحدث فتحدث آثارها.
فإذا كان الله تعالى يرضى عن المؤمن، فإذا وجد المؤمن وآمن وعمل صالحاً رضي الله عنه، وإذا كان يغضب على العاصي، فإذا وجد ذلك العاصي ووجدت منه معصية غضب الله عليه.
فإذاً هذه الأفعال تتجدد، ولا يقال إنها أتت مرة ثم انقطعت، هكذا صفات الله الفعلية، كذلك صفة النزول لم تكن حدثت مرة ثم انقطعت، وكذلك صفة المجيء يوم القيامة فقد أخبر الله بأنه يجيء يوم القيامة كما في قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:22] ، {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام:158] يعني: يوم القيامة، فإذاً ذلك دليل على أن صفات الله التي هي أفعال أزلية وأبدية، وأنه لا يزال متصفاً بها.