والشاهد أنه أخبر في هذا الحديث بأن الموت شيء محسوس يرى ويعرف، يعلمون أنه هو الموت ولو كان عرضاً، فالله تعالى قادر أن يجعل العرض جسماً، ويجعل له جثة أو صورة كما في الأعمال التي هي أعراض، فقد أخبر في الأحاديث أن الله يجعلها أجساماً وأجراماً، وأنها توزن مع كونها أعراضاً.
فمثلاً الصلاة ورد في الحديث: (أنه إذا صلى العبد فأحسن صلاته صعدت ولها نور فتفتح لها أبواب السماء وتقول: حفظك الله كما حفظتني، وإذا صلى وأساء في صلاته صعدت ولها ظلمة، فتغلق دونها أبواب السماء وتلعن صاحبها وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني، وتلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها) .
في هذا بيان أن الأعراض يجعلها الله تعالى أجساماً، وكذلك الكلام قد يجعل الله تعالى له أجراماً، ولهذا في الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السماء والأرض) ، ومعلوم أن كلمة (الحمد لله) ، ليس لها جرم، ولكن يجعل الله لها جرماً وجثة حتى تملأ الميزان، وكذلك التسبيح والتكبير ونحو ذلك، وإذا كانت الأعمال توزن ولو كانت أعراضاً، فكذلك الموت ولو كان عرضاً يجعل الله له جرماً حتى يرى، فهو الذي خلق الموت وخلق الحياة.